کد مطلب:239454
شنبه 1 فروردين 1394
آمار بازدید:143
فأما علمه، و ورعه و تقواه
فذلك مما اتفق علیه المؤرخون أجمع، یعلم ذلك بأدنی مراجعة للكتب التاریخیة ، و یكفی هنا أن نذكر أن نفس المأمون قد اعترف بذلك، أكثر من مرة، و فی أكثر من مناسبة ... بل فی كلامه : أن الرضا (ع) أعلم أهل الأرض و أعبدهم ... و لقد قال لرجاء بن أبی الضحاك :
« ... بلی یا ابن أبی الضحاك ؛ هذا خیر أهل الأرض، و أعلمهم، و أعبدهم .. » [1] .
و قد قال أیضا للعباسیین، عندما جمعهم، فی سنة 200 ه . و هم أكثر من ثلاثة و ثلاثین ألفا [2] .
« انه نظر فی ولد العباس، ولد علی رضی الله عنهم، فلم یجد أحدا أفضل، و لا أورع، و لا أدین، و لا أصلح، و لا أحق بهذا الأمر من علی بن موسی الرضا [3] .
[ صفحه 142]
قال عبدالله بن المبارك :
هذا علی و الهدی یقوده
من خیر فتیان قریش عوده [4] .
و لوضوح هذا الأمر نكتفی هنا بهذا المقدار، و ننتقل الی الحدیث عن امور هامة اخری، و ما یهمنا فی المقام هو اعطاء لمحة سریعة عن مكانته، و شخصیته (ع)، فنقول :
و أما مركزه و شخصیته (ع) :
فهو من الامور البدیهیة، التی لا یكاد یجهلها أحد، و قد ساعده سوء الأحوال بین الأمین و الأمون علی القیام بأعباء الرسالة، و علی زیادة جهوده، و مضاعفة نشاطاته ؛ حیث قد فسح المجال لشیعته للاتصال به، و الاستفادة من توجیهاته ؛ مما أدی بالتالی - مع ما كان یتمتع به (ع) من مزایا فریدة، و ما كان ینتهجه من سلوك مثالی - الی تحكیم مركزه، و بسط نفوذه فی مختلف أرجاء الدولة الاسلامیة، یقول الصولی :
ألا ان خیر الناس نفسا و والدا
و رهطا و أجدادا علی المعظم
اتینا به للحلم و العلم ثامنا
اماما یؤدی حجة الله یكتم [5] .
بل لقد قال هو نفسه (ع) مرة للمأمون . و هو یتحدث عن ولایة
[ صفحه 143]
العهد : « ... و ما زادنی هذا الأمر، الذی دخلت فیه فی النعمة عندی شیئا، و لقد كنت فی المدینة، و كتابی ینفذ فی المشرق و المغرب، و لقد كنت أركب حماری، و أمر فی سكك المدینة، و ما بها أعز منی ... » [6] و یكفی أن نذكر هنا قول ابن مؤنس - عدو الامام (ع)، و قد أسر (ع) للمأمون بشی ء، قال ابن مؤنس :
« .. یا أمیرالمؤمنین، هذا الذی بجنبك والله صنم یعبد دون الله » [7] و فی الكتاب الذی طلب المأمون فیه من الرضا أن یجمع له أصول الدین، و فروعه، قال المأمون : ان الامام : « حجة الله علی خلقه، و معدن العلم، و مفترض الطاعة .. » [8] كما أن المأمون كان یعبر عن الرضا (ع) ب: « أخیه »، و یخاطبه ب « یا سیدی » .
و كتب للعباسیین یصف الرضا، و یقول، « .. و أما ما كنت أردته من البیعة لعلی بن موسی، بعد استحقاق منه لها فی نفسه . و اختیار منی له ... الی أن قال : و أما ما ذكرتم من استبصار المأمون فی البیعة لأبی الحسن، فما بایع له الا مستبصرا فی أمره، عالما بأنه لم یبق علی ظهرها أبین فضلا، و لا أظهر عفة، و لا أورع ورعا، و لا أزهد زهدا فی الدنیا، و لا أطلق نفسا، و لا أرضی فی الخاصة و العامة، و لا أشد فی ذات الله منه .. » [9] .
[ صفحه 144]
و فی كل ما قدمناه دلالة واضحة علی سجایا الامام، و مركزه، و شخصیته . و كما یقولون : « و الفضل ما شهدت به الأعداء » ..
و مما یدل علی مكانته و هیبته ما ورد فی روایة أخری، یقول فیها المتحدث: « .. دخلنا (أی هو و الرضا «ع» ) علی المأمون، فاذا المجلس غاص بأهله، و محمد بن جعفر فی جماعة الطالبیین و الهاشمیین، و القواد حضور . فلما دخلنا قام المأمون، و قام محمد بن جعفر، و جمیع بنی هاشم، فما زالوا وقوفا و الرضا جالس مع المأمون ، حتی أمرهم بالجلوس ؛ فجلسوا ؛ فلم یزل المأمون مقبلا علیه ساعة الخ» [10] .
[1] راجع : البحار ج 49 ص 95، و عيون أخبار الرضا ج 2 ص 183، و غير ذلك.
[2] مروج الذهب ج 3 ص 440، و النجوم الزاهرة ج 2 ص 166 ، و غاية المرام للعمري الموصلي ص 121 و مآثر الانافة في معالم الخلافة ج 1 ص 212، و الطبري، طبع ليدن ج 11 ص 1000، و تاريخ الخلفاء للسيوطي ص 333، و غير ذلك .. و ورد ذلك أيضا في رسالة الحسن بن سهل، لعيسي بن أبي خالد ؛ فراجع : الطبري ج 11 ص 1012، و تجارب الامم ج 6 المطبوع مع العيون و الحدائق ص 430 . هذا ... و لكن في تاريخ التمدن الاسلامي، ج 1 ص 176 و يؤيده ما في وفيات الأعيان لابن خلكان، طبع سنة 1310 ج 1 ص 321، و يساعد عليه الاعتبار أيضا : أن الذين أحصوا آنئذهم : العباسيون خاصة المأمون، دون غيرهم من سائر بني العباس.
[3] راجع : مروج الذهب ج 3 ص 441، و الكامل لابن الأثير ج 5 ص 183، و الفخري في الآداب السلطانية ص 217، و الطبري، طبع ليدن ج 11 ص 1013، و مختصر تاريخ الدول ص 134، و تجارب الامم ج 6 ص 436 .
و في مرآة الجنان ج 2 ص 11، قال : انه لم يجد في وقته أفضل، و لا أحق بالخلافة، من علي بن موسي الرضا .. و نحو ذلك ما في البداية و النهاية ج 10 ص 247، و ينابيع المودة للحنفي ص 385، و نظرية الامامة ص 386 و وفيات الاعيان طبع سنة 1310 ه . ج 1 ص 321، و امبراطورية العرب، و غير ذلك.
[4] مناقب آل أبي طالب ج 4 ص 362.
[5] نفس المصدر ج 4 ص 332، و هي في مقتبس الاثر ج 22، ص 327، لكنه لم يذكر قائلها.
[6] البحار ج 49 ص 155، و ص 144، و الكافي ج 8 ص 151، و عيون أخبار الرضا ج 2 ص 167.
[7] البحار ج 49 ص 166، و أعيان الشيعة ج 4 قسم 2 ص 138، و عيون أخبار الرضا ج 2 ص 161، و مسند الامام الرضا ج 1 ص 86.
[8] نظرية الامامة ص 388.
[9] الرسالة مذكورة في أواخر هذا الكتاب.
[10] مسند الامام الرضا ج 2 ص 76، و البحار ج 49 ص 175، و عيون أخبار الرضا ج 2 ص 156.